فصل في الغلو في الحكم على الناس
د. عبد السلام بن برجس العبد الكريم
فصل
وأما الغلو في الحكم على الناس : فهو مجاوزة الحد في إلحاق الحكم عليهم بالكفر أو البدعة أو الفسوق . فإن الحكم بهذه الأمور على أحد من الناس إنما هو إلى الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ، فمن دل الدليل القاطع على إلحاق هذه الأحكام به ؛ ألحقت به ، ومن لم يدل الدليل على لحوقها به ؛ فإن تنزيلها عليه من تعدي حدود الله تعالى ، والقول عليه بغير علم ، وهو الغلو الفاحش الذي أردى الأمة ونخر في جسمها ، وفرق جماعتها . بل إن أول الغلو في الأمة إنما هو هذا ، يوم غلا الخوارج في الحكم على المسلمين ، وحكام المسلمين بالكفر والخروج من الإسلام ، فترتب على فعلهم هذا : إراقة دماء طاهرة مسلمة ، وتمزق الجماعة ، وانتشار التباغض والشحناء بين أهل الإسلام .
ومثل هذا يقال في التبديع بغير حق ، والتفسيق بغير حق ، فإنه يقود إلى التقاطع والتباغض ، وهو سبيل إلى التكفير بغير حق .
وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم كما جاء في صحيح البخاري - منع من تنزيل الحكم العام على شارب الخمر بأن تحل عليه لعنة الله ، على الشخص المعين لما قام به من إيمان بالله ورسوله ، فكيف يتسارع الغالون إلى تنزيل أحكام الكفر والفسق العامة على الأشخاص المعينين دونما روية وتؤدة ؟!
ونص الحديث كما في صحيح البخاري عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّ رَجُلًا كَانَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ اسْمُهُ عَبْدَ اللَّهِ وَكَانَ يُلَقَّبُ حِمَارًا وَكَانَ يُضْحِكُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ جَلَدَهُ فِي الشَّرَابِ ، فَأُتِيَ بِهِ يَوْمًا ، فَأَمَرَ بِه ، فَجُلِدَ . فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ : اللَّهُمَّ الْعَنْهُ ، مَا أَكْثَرَ مَا يُؤْتَى بِهِ ! فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَا تَلْعَنُوهُ فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ أَنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ .
فتنزيل هذه الأحكام على الشخص المعين لا بد لها من شروط تتوفر ، وموانع تنتفي ، كما أجمع على ذلك علماء أهل السنة والجماعة .
ومن هذا المنطلق تتابعت نصوص العلماء على أن المتصدي للأحكام على الناس في عقائدهم أو عدالتهم لا بد أن يكون من العلماء وأهل الورع : من ذلك قول الحافظ الذهبي - رحمه الله تعالى - : والكلام في الرجال لا يجوز إلا لتام المعرفة تام الورع . ا هـ .
وقد بلينا في هذه الأزمان ببعض المنتسبين إلى السلفية ممن يغلون في الحكم على الناس بالبدعة ، حتى بلغ الأمر إلى التعميم في التبديع على كل المجتمع ، وأن الأصل في غيرهم البدعة حتى يتبينوا في شأنهم . وهؤلاء جهال بالشريعة ، جهال بفهم عبارات العلماء في البدع وأهلها ، فلا عبرة بقولهم ، بل هو هباء لا وزن له . وقد أجاد العلامة الشيخ عبد المحسن بن حمد العباد في نصحهم والتحذير من منهجهم في كتابه : رفقا يا أهل السنة بأهل السنة .
نسأل الله تعالى [ص-145] السلامة من الغلو كله . وصلى الله وسلم على نبينا محمد .
د. عبد السلام بن برجس العبد الكريم
فصل
وأما الغلو في الحكم على الناس : فهو مجاوزة الحد في إلحاق الحكم عليهم بالكفر أو البدعة أو الفسوق . فإن الحكم بهذه الأمور على أحد من الناس إنما هو إلى الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ، فمن دل الدليل القاطع على إلحاق هذه الأحكام به ؛ ألحقت به ، ومن لم يدل الدليل على لحوقها به ؛ فإن تنزيلها عليه من تعدي حدود الله تعالى ، والقول عليه بغير علم ، وهو الغلو الفاحش الذي أردى الأمة ونخر في جسمها ، وفرق جماعتها . بل إن أول الغلو في الأمة إنما هو هذا ، يوم غلا الخوارج في الحكم على المسلمين ، وحكام المسلمين بالكفر والخروج من الإسلام ، فترتب على فعلهم هذا : إراقة دماء طاهرة مسلمة ، وتمزق الجماعة ، وانتشار التباغض والشحناء بين أهل الإسلام .
ومثل هذا يقال في التبديع بغير حق ، والتفسيق بغير حق ، فإنه يقود إلى التقاطع والتباغض ، وهو سبيل إلى التكفير بغير حق .
وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم كما جاء في صحيح البخاري - منع من تنزيل الحكم العام على شارب الخمر بأن تحل عليه لعنة الله ، على الشخص المعين لما قام به من إيمان بالله ورسوله ، فكيف يتسارع الغالون إلى تنزيل أحكام الكفر والفسق العامة على الأشخاص المعينين دونما روية وتؤدة ؟!
ونص الحديث كما في صحيح البخاري عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّ رَجُلًا كَانَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ اسْمُهُ عَبْدَ اللَّهِ وَكَانَ يُلَقَّبُ حِمَارًا وَكَانَ يُضْحِكُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ جَلَدَهُ فِي الشَّرَابِ ، فَأُتِيَ بِهِ يَوْمًا ، فَأَمَرَ بِه ، فَجُلِدَ . فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ : اللَّهُمَّ الْعَنْهُ ، مَا أَكْثَرَ مَا يُؤْتَى بِهِ ! فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَا تَلْعَنُوهُ فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ أَنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ .
فتنزيل هذه الأحكام على الشخص المعين لا بد لها من شروط تتوفر ، وموانع تنتفي ، كما أجمع على ذلك علماء أهل السنة والجماعة .
ومن هذا المنطلق تتابعت نصوص العلماء على أن المتصدي للأحكام على الناس في عقائدهم أو عدالتهم لا بد أن يكون من العلماء وأهل الورع : من ذلك قول الحافظ الذهبي - رحمه الله تعالى - : والكلام في الرجال لا يجوز إلا لتام المعرفة تام الورع . ا هـ .
وقد بلينا في هذه الأزمان ببعض المنتسبين إلى السلفية ممن يغلون في الحكم على الناس بالبدعة ، حتى بلغ الأمر إلى التعميم في التبديع على كل المجتمع ، وأن الأصل في غيرهم البدعة حتى يتبينوا في شأنهم . وهؤلاء جهال بالشريعة ، جهال بفهم عبارات العلماء في البدع وأهلها ، فلا عبرة بقولهم ، بل هو هباء لا وزن له . وقد أجاد العلامة الشيخ عبد المحسن بن حمد العباد في نصحهم والتحذير من منهجهم في كتابه : رفقا يا أهل السنة بأهل السنة .
نسأل الله تعالى [ص-145] السلامة من الغلو كله . وصلى الله وسلم على نبينا محمد .
7th يوليو 2011, 12:33 am من طرف عمرو بن هيمان بن نصرالدين
» من صوتيات الشيخ ابي المعالي الرئبالي مجالس { القــــــاموس المحيـــــــــط }
7th يوليو 2011, 12:25 am من طرف عمرو بن هيمان بن نصرالدين
» من صوتيات الشيخ ابي المعالي الرئبالي مجالس { شرح الشـــــــــافيه لابن الحاجب }
7th يوليو 2011, 12:23 am من طرف عمرو بن هيمان بن نصرالدين
» : من صوتيات الشيخ ابي المعالي الرئبالي مجالس فى { العربيــــة }
6th يوليو 2011, 11:38 pm من طرف عمرو بن هيمان بن نصرالدين
» من صوتيات الشيخ ابي المعالي الرئبالي مجالس { قراءة فى كتاب المزهر فى اللغة للسيوطي }
6th يوليو 2011, 11:35 pm من طرف عمرو بن هيمان بن نصرالدين
» من صوتيات الشيخ ابي المعالي الرئبالي مجالس { نجوم الدَّآدِي اللوامع في شرح الكوكب الساطع }
6th يوليو 2011, 11:33 pm من طرف عمرو بن هيمان بن نصرالدين
» من صوتيات الشيخ ابي المعالي الرئبالي مجالس { شرح مقامات الحريري }
6th يوليو 2011, 11:30 pm من طرف عمرو بن هيمان بن نصرالدين
» من صوتيات الشيخ ابي المعالي الرئبالي مجالس {المضرحي السياح لتلو تلخيص المفتاح }
6th يوليو 2011, 11:24 pm من طرف عمرو بن هيمان بن نصرالدين
» من صوتيات الشيخ ابي المعالي الرئبالي مجالس { المتنبــى لأبى فهر * محمود شاكر *} رحمه الله
6th يوليو 2011, 7:18 pm من طرف عمرو بن هيمان بن نصرالدين